الوطن في نبض الشعر

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الوطن في نبض الشعر, اليوم الاثنين 23 سبتمبر 2024 04:41 صباحاً

يشكل الوطن جزءا لا يتجزأ من هوية الإنسان العربي، يتداخل مع وجدانه وشعوره، فالشعر وسيلة لإحياء مشاعر الحب والوفاء للوطن في كل زمان ومكان. وقد تغنى الشاعر العربي بالأرض والديار على مر العصور معبرا عن حبه وشوقه لها ولأهلها، وعن فخره واعتزازه بأرضه التي نشأ فيها وقومه الذين عاش معهم؛ ومن ذلك يقول قيس بن الملوح:

أأكرر طرفي نحو نجد وإنني

إليه وإن لم يدرك الطرف أنظر

حنينا إلى أرض كأن ترابها

إذا مطرت عود ومسك وعنبر

ويقول عمرو بن كلثوم مفتخرا بقومه:

بأنا المطعمون إذا قدرنا وأنا المهلكون إذا ابتلينا

وأنا المانعون لما أردنا وأنا النازلون بحيث شينا

وأنا التاركون إذا سخطنا وأنا الآخذون إذا رضينا

والشاعر السعودي هو ابن الجزيرة العربية ووريث الشعر العربي الأصيل، ولطالما كان الشعر السعودي نافذة للتعبير عن حب الوطن يعكس الارتباط العميق بين الإنسان السعودي ووطنه.

فقد لازم الشعر بشقيه (الفصيح والنبطي) الوطن منذ تأسيس المملكة العربية السعودية وكان شاهدا على تطورات الوطن وإنجازاته وأحداثه، كان للشعر حضور ودور بارز منذ الدولة السعودية الأولى؛ حيث وقف مدافعا عنها يشرح أفكارها وأهدافها ويهجو خصومها ويجادلهم، ويتغنى بالجيوش وانتصاراتهم ويؤكد على القيم الإسلامية ومن ذلك قول الشاعر حسين بن غنام:

شمس الأماني أشرقت في سعودها

ولاح بأفق السعد أنجمه الزهر

وجلا ظلام الخطب بيض صنائع

كأن سناها في غياهبه بدر

وفي حقبة الدولة السعودية الثانية استمر الشعر السعودي يحمل الوطن في قلبه ويخوض معه معاركه بقوة الكلمة وسطوة المعنى، فكان منافحا بكل جدية وجراءة ويتطرق للأوضاع السياسية ومن أبرزها قصيدة (السيف الأجرب) للإمام المؤسس تركي بن عبد الله يقول فيها:

طار الكرى من موق عيني وفرا

وقزيت من نومي طرالي طواري

وابديت من جاش الحشا ماتدرا

واسهرت من حولي بكثر الهذاري

وفي عهد الدولة السعودية الثالثة التي قامت على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - استمرت وشائج المحبة والمساندة بين الشعر والوطن، ولا سيما أن الملك المؤسس يمتلك ذائقة شعرية عالية، وقد أولى الشعر اهتماما كبيرا، حيث ازدهر الشعر وبرع الشعراء وكان للتطورات التي شهدها الوطن من نهضة وتعليم أثر واضح في تطور الشعر. ولأن تلك الفترة كانت فترة حاسمة في تاريخ المملكة، حيث ملحمة التوحيد التي جمعت شتات أهل الجزيرة فقد كان للشعر الحماسي حضوره اللافت بحسب ما تقتضيه الظروف لبث روح الكفاح والنضال والدفاع عن الأرض والعرض وتوحيد الصف، ومن ذلك قول الشاعر محمد بن عثيمين مهنئا الملك عبد العزيز بعد استرداد الأحساء عام 1331هـ:

العز والمجد في الهندية القضب

لا في الرسائل والتنميق والخطب

وهكذا استمر الشعر عبر تاريخ المملكة وملوكها يلعب دورا بارزا في تعزيز قيم المواطنة وتكوين الهوية الوطنية، وبث روح الحماس والاعتزاز بالوطن وتخليد إنجازاتها. وفي عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان - حفظهما الله - قد شهد تطورا ملحوظ متأثرا بالتغييرات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي مرت بها المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى الاهتمام الكبير من قبل حكومة المملكة بالشعر والشعراء.

فقد تفاعل الشعراء بأشعارهم وتنوعت قصائدهم في التعبير عن حب الوطن وقيمه الدينية، والتفاعل مع قضاياه وتصوير التحولات التاريخية والأحداث الوطنية الكبرى والتطورات التي يعيشها الوطن، وفي ذلك يقول الشاعر جاسم الصحيح:

هنا وطني؟ أم فارس من تمدن على مهرة الأسمنت يطوي له البعد

وما صدئت فيه البداوة، وإنما بداوته ــ من أصله ــ الجوهر الفرد

فمن حكمة الأسلاف حيك (عقالــ)ـــه وخيط ــ من الوحي القديم ــ له البرد

وما هو سيف في الخسارات مغمد ولكنه سيف، وأعـــــــداؤه الغــــــمـــد

وقد ألهمت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 الشعراء فجادت قرائحهم بأشعار تمجد الرؤية وتثني على عرابها الأمير محمد بن سلمان ــ حفظه الله ــ ومنها قول الشاعر محمود عبيد الهيشان

يمشي الأمير موفقا في حلمه ويصوغ رؤيته بكل إباء

هي رؤية بالعلم سابقت الورى رسمت لنا دربا إلى العلياء

سنت قوانين لتبدأ رحلة من فوق هام السحب والأجواء

ويصوغ رؤيته بنور هداية قادت شعوبا نحو كل رخاء

للشعر السعودي مواقف مشرفة في الظروف السياسية والأزمات والحروب، فلم يكن الشعر السعودي مجرد أداة فنية، بل وسيلة قوية لتوصيل رسائل سياسية وأداة لتوحيد الصف ودعم ولاة الأمر والدعوة للتضحية والوقوف في وجه كل من يسيء للوطن، ومن ذلك قول الشاعر مجيب الرحمن مباركي مؤيدا عاصفة الحزم:

يا سيد الحزم حب النصر يسكننا

كما الشهادة فأمر نرتدي الكفنا

إنا سيوفك في يوم المثار لنا

من الفعال جنون يخرس اللسنا

نتوق للموت نسمو في دوائره

ونبذل العمر كيفما نفتدي الوطنا

خلاصة القول: إن الوطن كان وما زال في نبض الشعر السعودي بتعبيراته الواقعية وصوره الخيالية، فقد تجاوز التعبير العاطفي ليكون خطابا شعريا مؤثرا وفاعلا، له دور محوري في تعزيز المواطنة وتوحيد الصف وشحذ الهمم وتأكيد مكانة الوطن في نفوس أبنائه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق